الجمعة، 4 أكتوبر 2013

التغيير والنفس



حقيقة التغيير ! هل تريد احداث تغيير في حياتك أو تغيير أمر ما معين ولم تستطع أو تتوقع امكانية ذلك  لو جربت طرح السؤال على أي شخص حولك سواء ناجح أو فاشل غني أو فقير كبير أو صغير ستجد اجابته نعم هناك أمر أود تغييره هناك أمر لا أعلم كيف أغيره .
مع تعدد طرق التغيير وتباين فعاليتها في حياة كل شخص تجد أن الكل يتفق في نقطة واحده وهي الرغبة في الحصول على طريقة سحرية للتغيير فهو لا يريد تغيير وقتي بل يرغب بتغيير أبدي ..
إن كنت أحدا ممن يبحث عن طريقة أو وصفة سحرية للتغيير عليك أن تفهم في البداية التغيير المطلوب نفسه ثم السبب وصلب المشكلة الداخلية التي كانت السبب في حدوث الأمر الذي ترفض وجوده واستمراره في حياتك ثم يأتي دورك للنظر في ذاتك لتتمكن من فهم السبب الحقيقي ، ليكون في النهاية انتقالك يسير في خطى ثابتة واثقة مدركة من أين قررت أن تنطلق وأين تقرر أن تقف .. وليس مجرد محاولات في محاولة التغيير ..
بداية يجب أن نعلم جميعا أن وجود أي أمر تعاني منه أو ترغب في تغييره ليس من الصدفة ولا من الحظ أو من مجريات الأحداث التي تعرضنا لها كما يقول ويظن البعض ، بل هو نتيجة ظهرت في حياتنا بعد أن أصبح لدينا اعتقاد قوي ثابت في الداخل يدعم وجود واستمرار هذا الأمر عندما تجتمع مجموعة من الأفكار والصور الذهنية التي قد لا تنتبه لها وهي تدور في عقلك وقبل نومك وأثناء ممارسة نشاطات حياتك و تمتزج بمجموعة من مشاعرك وأحاسيسك إلى أن تصبح جزءا منك سيصعب ملاحظته كونه أصبح جزء منك لا تلحظ وجوده الغريب عنك وعن رغباتك ، بعد أن يترسخ بداخلك هذا المفهوم سينعكس على مجريات حياتك و يبدأ رفضك له في شكله المادي وليس داخلي ، وأعني برفض مادي وليس داخلي أي وجود انعكاس هذا الاعتقاد حولك بشكله المادي سيكون واضحا ومؤذيا أما وجوده في داخلك فأنت لم تلحظ وجوده من قبل وبالتالي لم تكن هناك مشكلة ظاهره خصوصا وأنه أصبح جزء منك ومن معتقداتك وقناعاتك .
لذلك عندما يصبح الشيء جزء منك اعتدت عليه ويختفي شعور الغرابة وتظن أنه صحيح  أو واقعي أو طبيعي لن ترفضه فرفضك يعني أن ترفض ذاتك وتعارضها ولن يعارض شخص نفسه خصوصا إذا كان مقتنع ، فمعارضة فكره ليست كمعارضة قناعه واعتقاد راسخ الفكرة غالبا ما تكون عابره أما الاعتقاد فهو جزء منك جزء تشعر أنه أنت !
لحظة المعاناة والرغبة في التغيير من هذا الاعتقاد أو المفهوم تبدأ صعوبته عندما يطلب منك الخروج من الدائرة المريحة التي وضعت نفسك فيها إلى دائرة أخرى تتطلب منك قناعات مختلفة  تماما عن التي اعتدت عليها أي كأنها تطلب منك أن تكون شخص آخر لا تعرفه ولم يسبق لك من قبل أن تكون هو ، سيبدأ الخوف والقلق والتوتر والرفض في بداية كل تغيير إلى أن يدخل البعض مرحلة المقاومة وهنا يبدأ الكثير في التعامل مع سطح المشكلة وليست المشكلة نفسها  لأن أي شخص سيظن أن سبب الأثر الذي يعاني منه الآن هو خوفه وقلقه وتوتره الذي يسبب له المشاكل فيسعى بناء على ذلك إلى تغيير مشاعره وأحاسيسه ببعض الممارسات التي ما إن تنتهي ينتهي مفعولها  ويعود الأمر من جديد !!
وإن حاول التعمق أكثر وبدأ في تغيير أفكاره ويتبع مقولة " غير أفكارك تتغير حياتك " أو " أنت من صنع أفكارك" الحال سيصبح كالحال الأول فهو لا زال نفس الشخص يتعامل مع عدة مشاكل ناتجه عن اعتقاد أي مع سطح المشكلة !
فالأمر ليس ببساطة تغيير فكره أو شعور فالفكرة والشعور قد لا تخرج عن ما تمليه عليك معتقداتك القديمة أو قناعاتك الأمر يتطلب تغيير أكبر وأعمق وأقوى ، تأمل هذه العبارة التي اعتبرها مفتاح التغيير الحقيقي " عندما تريد أن تتغير غير نظرتك لذاتك التي ترى الأمر" بمعنى لكي ترى الأمر بصورة مختلفة يجب أن ترى نفسك كشخص آخر جديد ولكن لا تنسى أن هذا الشخص الآخر هو أنت بالصورة التي ترغبها بصدق ، ولتتضح الصورة أكثر تأمل المثال التالي إن كنت تعاني من نقص المال فأنت ترى نفسك كشخص لا يملك المال ويصعب عليه امتلاكه ولو كان لديك مال سينتهي وتعود كما كنت كالسابق أي شخص لا يملك المال لأن المال ينتهي أو إن كنت ترغب بالنجاح لا ترى نفسك وأنت ترغب بالنجاح فرغبتك تعني أنك شخص يظن أنه فاشل يريد النجاح وهناك فرق بين شخص يرغب لأنه فاشل وشخص يرى نفسه ناجح وبالتالي نجح ! 
إذن .. الحل أو التغيير الحقيقي يبدأ عندما تغير نظرتك لذاتك اصنع من نفسك شخص آخر لا يعاني من مشكلة أو شخص يعيش الهدف أو الحياة التي يريدها لا شخص يعيش برغبة التغيير إن كنت تريد أن تصبح شيء معين أو تحقق شيء معين أو تعالج مشكلة ما انظر لنفسك بعين أخرى أولا ثم انظر للمشكلة بعين الشخص الجديد الذي عالج المشكلة أو حقق الرخاء وانتهى منها ، فنظرة هذا لنفسه وتعامله مع المشكلة ليست كنظرة الأول الذي يرغب ويعرف ما يرغب ولكنه لا يستطيع .
هذا ما تؤكد عليه الآية الكريمة " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " عندما تتأمل الآية بنظرة جديده ستجد أن تغيير ما بالنفس ليست كتغيير ما بالعقل أو بالقلب ، فالعقل والقلب كلاهما يتأثران بالفكرة والشعور أما النفس عندما تتغير فهذا يعني أنه شخص لا يشبه نفسه الأول الذي يعاني .
ولكي تكشف عن حقيقة المعتقدات التي تعيش بداخلك وتضمن النظر لها بعيدا عن معتقداتك القديمة اتبع وسيلة مراقبة الاعتقاد في حياتك اليومية لأنها ستكون أصدق اجابة لحقيقة ما تحمله بداخلك مثال قد تقول أنك تؤمن أن الله قادر على كل شيء ولكن عندما تدعو الله تشك في استجابة الدعوة وبالتالي ستكتشف أن الاعتقاد الذي تحمله لم يصل لاعتقاد راسخ بأن الله قادر على استجابة دعوتك لأنه قادر على كل شيء فلا تتحقق الإجابة وتستجاب لأن ايمانك و اعتقادك المطلوب لم يتجاوز كونه فكره !
بعد أن تكتشف معتقداتك التي تقرر تغييرها ضع تصور جديد لذاتك الجديدة والتي تؤمن بقدرتها  والتي تعيش ما تريده حقا  وكرر رؤيتك نفسك في الوضع الجديد وبالمعتقد الجديد أقل شيء ثلاث مرات يوميا انظر إليها بخيالك اشعر بها بقلبك انوي أن تحققها وتكون هو افعل ذلك ثم ابدأ بتدعيم هذا المفهوم الجديد بالأفكار والأفعال أي قم بتفعيل شخصك الجديد بشكل حقيقي في حياتك إن كنت ترغب بالمال ابدأ بالنظر لنفسك بمنظر شخص لا يخشى الفقر شخص يملك مالا لا ينتهي اجعل الصورة قوية مختلفة تماما عما كانت عليه ابدأ بالعطاء تأمل أفكارك الجديدة ، أثناء رحلة التغيير ستظهر صورة قديمة لك تحاول أن تحقق نفسها من خلال أفعالك أو مشاعر قديمة تعتبر هذه سقطات تواجه أي شخص في رحلة التغيير ستكون هذه السقطات هي لحظات التغيير الحقيقية كونها لحظات العمق التي ترفض التغيير وتطلب منك التراجع ولكن ما إن تستمر ستكون لحظات رفض التغيير هي اللحظات التي تحدث التغيير الحقيقي في النهاية هناك مقولة جميلة تقول " أن كل إيماءة يمكنك تغييرها في نفسك يتردد صداها في كل أنحاء العالم " وأكمل أنا عليها عندما تتغير لا تيأس فالصدى يعود عليك ولو بعد حين وصبر وعندما يعود إليك فهو يأتي بأكثر من صوت واحد جميل ... يعود مضاعفا بجماله  !

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites